![]() |
كتاكيتي مدمنين كتب من النوع الثقيل (: |
طالعت خبرين في نفس اليوم, الأول من العاصمة
الثقافية التاريخية بغداد حيث كان مؤلف يعرض كتبه للبيع بألم شديد ويذرف الدمع وذلك
لحاجة في نفس يعقوب. والثاني في بلدي الكويت منبع الخير تعرض الكتب بخصم يتجاوز
75% ولا حياة لما تنادي حتى وصل الحال لإغلاق وتصفية المكتبات كما هو حال مكتبة المثنى
التابعة لشركة المكتبات الكويتية والتي تصنف كأقدم منبع ثقافي بالكويت.
استغربت ذلك الحل السريع والخيار الصعب
الذي غالبا ما ينتهجه فاقد الأمل بالشيء أو عندما يشعر المرء بالخذلان والاستسلام و يسرع إلى الانسحاب بدل أن يستعين بصديق
أو مستشار ذو رؤية إدارية أو تسويقية يساعده في معالجة أداءه المالي المتراجع. لو نظرنا
لأى مكتبة كويتية مثل مكتبة الربيعان وغيرها والتي تم اغلاقها نهائياً كان بالإمكان
اتخاذ بعض الخطط التسويقية لإنعاشها قبل هذا القرار المصيري والتي قد تحسن مستوى أرباحها.
سأتحدث في مقالي هذا عن الحلول التسويقية التي بالإمكان الاستفادة منها في أى نشاط
مشابه أو مماثل في أي بلد كان .
أولا, نبدأ بدراسة السوق المتواجد به واتجاهه وسلوك المستهلك الحالي
والمرتقب كما ننظر إلى المنافسين الذين يقدمون نفس منتجي أو خدماتي وما يتميزون به
وما سبب استمرارهم أى الاستفادة من قصص الغير وكيفية اجتيازهم للعقبات وسبب الحفاظ
على مستوى ثابت من الإيرادات أو زيادته. أيضا فإن الإطلاع على قصص نجاح الشركات العالمية
في مجال عملي يقفز بحلول ابداعية. موضوعنا الرئيسي هو المكتبات التي تبيع الكتب فقط
ونركز من خلالها على عناصر المزيج التسويقي THE MARKETING MIX الرئيسية ; المنتج, السعر, الترويج والمكان.
ولو نظرنا إلى السوق الكويتي نجد عدد المنافسين
قليل بينما المستهلكون/الزبائن متنوعي الأعمار والجنسيات والذوق, ولكن الغالب هو من
الفئة الشبابية وبالتالي فإن طلباتهم وذوقهم متجدد وسريع. فالمنتج هنا الكتاب ويمثل
المنصة الرئيسية للإيرادات بيع الكتب ولكن هل تأتي بمردود طيب يغطي التكاليف الرئيسية
(ايجار, رواتب , تكلفة شراء الكتب وغيرها) ويتجاوزها لتحقيق الربح؟ لا. اذا نبحث عن
مصادر أخرى للإيرادات. فالسوق الذي نتواجد فيه نمط التغير به سريع وذوق المستهلك متجدد
لذا لابد من مواكبة هذا التغير والتجدد حتى لا يموت نشاطي ولكن كيف؟ فعلى سبيل المثال
اضافة منتجات وخدمات جديدة الى البضاعة الرئيسة والتي تلقى قبول أكثر لدى الشريحة المستهدفة,
فما كان بالأمس يعتبر من الكماليات أصبح اليوم من الضروريات كالهواتف الذكية وأجهزة
القراءة الإلكترونية (كالأى باد) لابد من مواكبة الموضة ومراعاة تطور ذوق القراء أخذين
بالاعتبار ارتفاع مستواهم الثقافي. يجرنا الحديث عن عنصر السعر الذي يرافقه دوما المنفعة
فيتحدد بناء على التكلفة/ الفائدة (تكلفة البضاعة + الفائدة التي سيحصل عليها المستهلك= السعر) كم سأدفع من مال مقابل الفائدة التي سأحصل
عليها ولابد من الأخذ بعين الاعتبار موقف المشتري هنا والذي قد يشمل ليس فقط المال
الذي سيدفعه ولكن عدم شراءه شىء آخر بهذا المال واختياره هذا الكتاب (تكلفة الفرصة
البديلة للعميل) أو مشواره الطويل الذي سلكه حتى يصل للمكتبة. فالسعر يعتبر العنصر
الوحيد من عناصر المزيج التسويقي الرئيسية التي تجلب لك المال فمن وجهة نظر المستهلك
هو ليس رقم فقط ولكن مقياس لجميع الفوائد المقدمة منك. فالإمكان عمل خصومات، اعداد
بطاقات ولاء العميل للمكتبة (تجميع نقاط) يحصل من خلالها على عرض أو خصم خاص أو كوب
من القهوة أو الشاى مجاني عند تجاوز مبالغ الشراء لديه رقم معين فرضا مائة دينار, أو
البيع بسعر أقل من المنافسين, والذي يجرنا للحديث عن عنصر الترويج للمنتج حيث يتمثل
باختيار الطريقة المناسبة للتواصل مع العملاء. كما يتطلب منا مراعاة متلقي الرسائل
أو متابعينا بحيث يتم اختيار الكلمات التي تصف السلعة (الكتاب أو المنتج أو الخدمة)
من منظور العميل بحيث أشعر بأنها تخاطبني وتخلق لدي الحاجة. هنا أعتبر اني قد قمت بصياغة
رسالتي الترويجية بنجاح. كذلك باستطاعتنا الاستفادة من توجه الناس للقراءة عن طريق
الهواتف الذكية يتطلب مني إصدار برنامج خاص يسهل استخدامه للشراء أو معرفة آخر
العروض أو الإصدارات بالمكتبة. العمل على تطوير موقعي بالشبكة العنكبوتية مما يسهل
تصفحه والحصول على حاجته وشراؤها بسهولة ويسر. الاستفادة من برامج التواصل الاجتماعي
جميعها من فيسبوك, انستغرام, تويتر وغيرها يخدم أى تاجر لعشرين سنة قادمة فهذا هو التوجه
القادم والذي سيسود على جميع مستويات التعاملات التجارية فلابد من استغلال تلك القنوات
كمصدر إيراد جديد من خلال تقديم عروض ومسابقات وتفاعل مباشر مع محبي الكتب والمكتبات.
مع التطور السريع بسلوك المستهلك وتفضيله للتعامل عبر الشبكة العنكبوتية أصبحت الأولوية
لديه توافر خدمة التوصيل ما بعد البيع حتى أصبحت أكثر أهمية من موقع المحل نفسه. مما
يجعلنا نعرج للحديث عن العنصر الأخير بالمزيج
التسويقي وهو المكان فالأفكار له لا تعد ولا تحصى ولكن تحتاج بعض الجهود وتوظيف ناس
تعشق تلك المهام للقيام بها على أكمل وجهة. فأغلب الناس تتجه إلى مكان أو مكانين فقط
(المجمعات التجارية الحديثة) بل يرتادونه بشكل دوري فأحاول التواجد ولو بمعرض مؤقت
حتى أذكرهم بأني لا أزال موجود وسهل الوصول لي. العمل على تخصيص زاوية للقراءة المجانية.
وضع مرفأ للمشروبات كالقهوة والشاى فهي تشجع الزائر على المكوث وقت أكثر بالمكتبة ينشأ
عنه شعور نفسي بالراحة والإدمان على ارتياد المكان ومعاودة الزيارة مره أخرى. من الجميل
جدا أيضا مراعاة حاجة الطفل بوضع زاوية خاصة بالأطفال تكون بيئة آمنه تحبب لهم جو المكتبة
وكسر حاجز رهبة القراءة لديهم بوضع ألعاب الكترونية يستخدمها مجانا لفترة مؤقتة أو
عمل نادي للقراءة وأنشطة لهم حتى تعتاد بل تتشوق العائلة جميع الزيارة المكتبة مرات
عدة, حتى يتم وضع مشوارها ضمن قائمة الأماكن المخطط زيارتها للأسبوع القادم. كما أضع
صالة اجتماعات صغيره يتم تأجيرها أو عمل لقاءات ثقافية يتواصل بها محبي القراءة لمناقشة
كتاب معين. التجديد يتطلب مني وضع فريق مهمته الاجتماع أسبوعيا لعمل عصف ذهني لخلق
أفكار ابداعية واستحداث خدمات بيعيه جديدة تزيد من تميزها وربحيتها وجودة خدماتها المقدمة
لعملائها دوماً.
أما اذا قمنا بنظره سريعة إلى قصص نجاح
المكتبات العربية كمثال يحتذى به لزيادة أرباحنا نجد مكتبة جرير أغلب أرباحها لفترة
ما كان مصدرها بيع الالكترونيات من حاسب آلي، هواتف نقاله، آلات حاسبة وماسح ضوئي إلى
ساعات, أى كل ما يحتاجه المكتب من تجهيز كامل. فقد أضافت خط بيعي جديد للحصول على مصدر
إيراد إضافي بل إيرادات تضاهي مبيعات الكتب. كما نجد مكتبة أخرى العبيكان التي تميزت
بتقديم نخبة من الإصدارات الأجنبية المترجمة من قبلها للغة العربية بجودة عالية مما
مكنها بتقديم منتج تنفرد به بل تفخر بتقديمه للقارئ العربي.
وفي بلد مجاور لنا ( دبى) نجد قصص النجاح
للمكتبات العالمية التي تغزو أسواقهم بقوة ولا تزال مستمرة به سنين بل تضج بزوارها
مثل مكتبة Kinokuniya,
Magrudy’s,وسبب
نجاحها مواكبتها السريعة لذوق المستهلك الأخير (رواد المكتبات) وعرضها أحدث الاصدارات
العالمية وبلغات عدة, بالرغم اقتصارها على الكتب والمجلدات والمجلات والروايات وقصص
الأطفال وألعابهم وملحقات حفلاتهم الخاصة والمستلزمات المدرسية ومستلزمات الأعمال الفنية فقط
و لم نشاهد على أرففها الأجهزة الإلكترونية أبداً!
سؤالنا هنا: بعد نظرتنا التفاؤلية لعالم
المكتبات والحلول المقدمة في هذا المقال هل تجد أن المكتبات سوقها قابل للاندثار عالمياً
أم بالإمكان النهوض به وجعله من أجمل معالم البلاد الممكن زيارتها دون كلل أو ملل ؟
محبتكم دوما
مريم محمد الخزام
MBA-CIB